هل يحل “الذكاء الاصطناعي” محل الابداع البشري؟
مع دخول عصر الذكاء الاصطناعي واقتحامه لمجالات كثيرة كالفن والأدب والأبحاث العلمية وغيرها من المجالات التي ستشكل نقلة نوعية للإنسان المعاصر وستعمل على تسريع وتيرة التنافس بين الدول والشركات المنتجة وغيرها من المجالات التي ستستفيد بلا شك من هذه القفزة، اليوم، يتم استخدام الذكاء الاصطناعي في مجموعة متنوعة من المجالات ، مثل الروبوتات و الحاسوب ومعالجة اللغة الطبيعية والألعاب.

و يتم استخدامه أيضًا لإنشاء أنظمة ذكية قادرة على التفاعل مع البشر والمساعدة في أنجاز المهام العادية. و من الرعاية الصحية إلى التمويل ، فإنه يعمل من أجل زيادة الكفاءة وتقليل التكاليف. مع استمرار تطور تقنية الذكاء الاصطناعي ، فمن المرجح أن تصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية.
ولكن يظل السؤال الأهم الذي ينطلق من منطلق مخاوف الكثير من كون ذلك يشكل تهديد وظيفي وكذا إنتاجي لهم، هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل الإبداع الإنساني؟
كيف يعمل الذكاء الاصطناعي وما هو تاريخه؟
يعمل الذكاء الاصطناعي باستخدام الخوارزميات والبيانات لتحليل البيانات والأحوال والتوقعات بشكل آلي. يتم تدريب هذا النوع من الذكاء على مجموعة بيانات محددة ويتم تحديد الأحكام والقواعد التي يعتمد عليها لتحليل البيانات الجديدة. إضافة إلى ذلك، يستخدم الذكاء الصناعي تقنيات مثل التعلم الآلي لتحسين مدى دِقَّة التوقعات.
يمكن إرجاع تاريخه إلى الخمسينيات من القرن الماضي عندما بدأ علماء الحاسوب وعلماء الرياضيات في تطوير خوارزميات ونماذج يمكن أن تحاكي السلوك البشري. ركز هذا البحث المبكر على حل المشكلات واتخاذ القرار ، وتطوير برامج الحاسوب التي يمكنها حل مهام محددة. في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، تحولت البحوث إلى تطويره للأغراض العامة، الذي كان قادرًا على التعلم وأداء مجموعة متنوعة من المهام.
في الثمانينيات والتسعينيات، تشعبت بحوث الذكاء الاصطناعي إلى مجالين متميزين: “الذكاء الاصطناعي القوي” و “الذكاء الاصطناعي الضعيف”. الذكاء الاصطناعي القوي هو تطوير أجهزة الحاسوب التي يمكنها التفكير والتعلم بنفس الطريقة التي يقوم بها البشر، بينما يركز الذكاء الاصطناعي الضعيف على إنشاء برامج حاسوب يمكنها أداء مهام محددة. شهدت هذه الفترة ظهور الشبكات العصبية والأنظمة الخبيرة، وهي خوارزميات حاسوبية تحاكي سلوك الدماغ البشري.
ورغم انه قد قطع شوطًا طويلاً في السنوات الأخيرة ، فهو قادر على أداء المهام المعقدة واتخاذ القرارات التي كان يُعتقد في السابق أنها المجال الحصري للبشر. ومع ذلك، على الرغم من التطورات الملحوظة في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، لا يزال هناك جانب واحد من القدرات البشرية لا يمكن أن يحل محله: الإبداع.
الإبداع هو القدرة على توليد أفكار جديدة ومبتكرة ، ورؤية العالم بطريقة فريدة والتعبير عن تلك الأفكار من خلال الفن والموسيقى والأدب وأشكال أخرى من التعبير البشري. هذه القدرة هي ما يميز البشر عن الآلات ، وهي أساس قدرتنا على التخيل والابتكار. الإبداع مدفوع بالخيال والعاطفة والحدس ، وكلها سمات بشرية فريدة لا يمكن للآلات تكرارها.
على سبيل المثال، استخدم مشروع Microsoft مؤخرًا الذكاء الاصطناعي لفك رموز أعمال ويليام شكسبير. مع أنّ هذا المشروع مثير للإعجاب، فإنه كان محدودًا أيضًا لأنه لم يخلق أعمالًا روائية أو شعرية أصلية.
يمكن أن تساعد هذه التقنية بالتأكيد في المهام الإبداعية، مثل إنشاء موسيقى جديدة أو تصميم الأعمال الفنية، لكنه يفتقر إلى القدرة على فهم تعقيد التجارِب والعواطف البشرية حقًا. يمكن تدريبه على البيانات الموجودة لإنشاء محتوى جديد، لكنه يفتقر إلى القدرة على تخيل الأفكار الجديدة والتعبير عنها بنفس الطريقة التي يستطيع بها الإنسان. على سبيل المثال ، قد تكون اللوحة التي تم إنشاؤها بواسطته جذابة بصريًا، لكنها تفتقر إلى العمق العاطفي والأصالة التي قد يجلبها الفنان البشري إلى العمل.
إضافة إلى ذلك، غالبًا ما يكون الإبداع نتيجة مزيج من العديد من العوامل، بما في ذلك التجارِب الشخصية والتأثيرات الثقافية والسياق الاجتماعي والتاريخي. في حين أن الذكاء الاصطناعي مقيد بالبيانات التي تم تدريبه عليها ويفتقر إلى القدرة على فهم التجربة الإنسانية والاستجابة لها بنفس الطريقة التي يستطيع بها الشخص فعله.
الإبداع هو سمة إنسانية فريدة، مدفوعة بالخيال والعاطفة والحدس، وهذه الصفات هي التي تميزنا عن الآلات. قد يكون قادرًا على إنشاء محتوى جديد ومثير للاهتمام، لكنه يفتقر إلى عمق الفهم البشري والتعبير الضروري للإبداع الحقيقي. ومع ذلك، من الممكن أن يؤدي الاعتماد المتزايد عليه إلى فقدان الوظائف للكثيرين.