قصص من الواقع

عبير الامير… قصة نجاح امرأة

عبير الأمير و التي تم تتويجها بملكة المسؤولية الاجتماعية الإنسانية هي قصة نجاح امرأة من اليمن. عرفت رسالتها، فاختارت أهدافها بعناية واستطاعت أن تشق  طريقها أليها على الرغْم من كل الظروف والعوائق.

من هي عبير ؟ 

أنا تلك المناضلة و الطموحة من أجل النجاح، الصبورة و المندفعة، المتشبثة بأي هدف تريد الوصول إليه. لا استسلم بسهولة بالرغْم من كل العوائق  التي مرت بحياتي. لكن استطيع  خلق الأمل من اللاشيء حتى لو كان مستحيلاً. أظل اراقب اهدافي وانتظرها واجتهد من أجل الوصول إليها. 

لدي من الصفات الإيجابية والسلبية الكثير، ولكنني في سعي دؤوب لتطوير نفسي. لأني احب أن اكون خالية من أي سلبيات. 

على عاتقي كثير من الأمنيات التي لم تتحقق بعد. ولدي من الأهداف ما حققت منه الكثير،  وجاهدت لأصل إليها بجهدي الذاتي دون مساعدة من أحد.

تربيت في منزل  والدي ووالدتي وتحت كنف جدتي ولذا استلهمت من صفات جدتي الكثير كالصبر  والشدة. بينما قوة الشخصية استمديتها من والدتي والعطف والحب من والدي.  لقد جمعت الكثير من الصفات المشتركة بينهم. لقد كنت خليطا من فئة أعمار مختلفة.

في سن الطفولة، وجدت أن ما يشغلني عن اقرنائي كانت أمور غالبا هي أكبر من سني بكثير. لقد شغلتني عن ألعابي والتي ينشغل بها الاطفال.

إلى أن كبرت ورأيت أن كل ما كنت افكر به اصبح واقع ينتظرني من مسؤوليه تجاه مجتمع تملأه الكثير من الأمور الغير عادلة… ومن هنا بدأت.

كيف كانت البداية ؟

بدايتي كانت بعد إتمام الثانوية العامة، وقتها كانت المسؤولية التي أحملها على عاتقي تجبرني على أن أدرس الجامعة عن بعد في المنزل واعمل أيضا وأقوم برعاية جدتي وأسرتي في ذات الوقت .

لقد نال التعب مني كثيراً وقتها لكني أنجزت وأثبت قدراتي بأقل الإمكانات. وطالما كنت أنال في عملي التكريم على إخلاصي وتفاني، فأنا شخصية مخلصة جداً بعملي، ابذل الكثير من الجهد لكي يكون عملي على أكمل وجه. 

بعد ما عملت لمدة ٤ سنوات، ما بين الدراسة والعمل في شركة تسويق، لكن وبسبب أحداث 2011 توقفت الشركة وانقطعت عن العمل. بعدها بدأت مرحلة التطوع، من ممرضة إلى منسقة في منظمة سياسية للمؤتمرات إلى متطوعة في منظمة خاصة بالمعونات التي توزع لبعض المحافظات.

توقفت بعد ذلك لفترة وفي يوم من أيام رمضان المبارك تساءلت في نفسي لماذا لا نقوم بجمع ملابسنا التي ما زالت قابلة للاستخدام للمهمشين ونقوم بكيها وغسلها وترتيبها وتوزيعها وبدأت الأيادي البيضاء تشارك معنا.

 إلى أن شاهدت ذات يوم برنامَج تلفزيوني يعمل في ذات الاتجاه في الخدمات الاجتماعية بقناة الحياة وجميع المشاركات يستعرضن مبادراتهن ، حينها حدثت نفسي: “عبير السنة القادمة ستكونين على هذا المسرح” وكانت هذه البداية حيث انتقلنا من توزيع الملابس مع بعض الصديقات الى توزيع التمور، وغيرهن شاركن بالمواد الغذائية ويد بيد إلى أن جمعنا ما يقارب ٥٠ سلة غذائية تم توزيعها.

أتذكر يومها جاءني اتصال من أحد الزملاء في ألمانيا يقول لي: عبير هل أنت مستعدة للمنافسة؟ جميع اليمنيات منافسات جداً قويات! أجبته : أنا لم ادخل هذه المسابقة لأنافس اليمنيات أنا هنا لأنافس فقط العربيات. مع أنّي تعرضت وقتها لحملات شرسة من عدة جهات وأشخاص ومنافسات أيضاً!

هل كانت عبير تعرف طريقها منذ البداية أم إن الأقدار هي من أوصلتها إلى ما هي عليه اليوم؟

لم يلعب القدر وحده دوراً معي أو الحظ، بل كان الجهد والمعاصرة هي من أوصلتني لما وصلت إليه من نجاح. 

اجتهادي وسهر الليالي والتدريب والتأهيل. لم أجد يوماً يد امتدت لي لكي تساعدني، بل كنت أنا من أمد نفسي بالقوة والأمل دائماً.

كانت شروط البرنامَج وقتها بالنسبة لي صعبة كونها تحتاج إلى متطلبات كثيرة من أجل نجاح المنافسة: فيديوهات، لقاءات، علاقات بصحفيين ورجال أعمال، داعمين، مونتاج، تمويل إعلانات، متابعين أيضا نسبة مشاهدة عالية. 

إلى ذلك كله كانت المنافسة كبيرة، أكثر من 150 منافسة من كل الدول ومن اليمن ما لا يقل عن 7 مشاركات. منهن أو اغلبهن لديهن الخبرة وكل الشروط المذكورة. 

أتذكر يومها جاءني اتصال من احد الزملاء في ألمانيا يقول لي: عبير هل أنت مستعدة للمنافسة؟ جميع اليمنيات منافسات جدا قويات! أجبته : أنا لم ادخل هذه المسابقة لأنافس اليمنيات أنا هنا لأنافس فقط العربيات. مع أنّي تعرضت وقتها لحملات شرسة من عدة جهات وأشخاص ومنافسات أيضا!

لكني اخذت عهدا مع نفسي أن لا شيء سيقلل من حماسي أو يفقدني طاقتي أبدا. وان أتقبل جميع النتائج لكي اصل لهدفي بكل صبر. 

كنت أعمل على جهاز اللاب توب والهاتف من الساعة ٦ مغرب إلى الساعة ١١ ظهر اليوم التالي، دون اية مبالغة، إلى أن بدأت افقد نظري يومها من مونتاج إلى تجهيز لقاءات و التواصل مع صحفيين. كل ذلك كان يحتاج جهد غير عادي ويحتاج إلى تركيز . على الرغْم من تخلي بعض العضوات بمبادرتي في ذروة حاجتي إليهن، استطعت أكمال الطريق في النهاية.

لقد كان الخِذْلان هو السبب والدافع الكبير للمضي قُدماً من اجل إنجاح المبادرة.

عبير الامير

ما طبيعة عمل عبير ؟

طبيعة عملي ومبادراتي خيرية و توعوية. فكرة مبادرتي كانت من أجل التعايش والسلام وأحببت أن أثبت مبدأ السلام والتعايش على أرض الواقع ولذلك بدأنا بعمل حملات في تعز وصنعاء وأب ومن ثم  حملات لكل النازحين من عدن والحديدة وإب وتعز. عملنا بمبدأ إننا جميعا يمنيون ومن هو مستحِقّ أو تحققت عليه شروط المبادرة دون النظر لعرقه وانتمائه. وبدأنا بحصر الأسر الأكثر استحقاقاً، وبدأ الداعمون في المشاركة معنا. لقد عملنا بشكل شبه يومي إلي أن ظن الجميع أننا منظمة وليست مبادرة. 

لقد كان لدي طاقة هائلة، كل يوم اخلد للنوم وأنا على ثقة بأني قد اشبعت جوع كَمّيَّة وعدد من الأسر وخرجت من أبوابهم بالدعاء. لقد كانت تعتريني سعادة عارمة جداً. وحلت البركة على مبادرتي وكانت السبب في نجاحها. 

أتذكر في يوم من أيام رمضان كان لدينا توزيع ما يقارب ل200 أسرة وقمنا بتوزيع المعونات بالعدد المتاح وحينما كنا ننتهي للتو، كانت تظهر أسر جديدة وحالتها طارئة ولابد أن نقدم لهم المعونة وحينما نذهب إلى المخازن نجد أن عدد مواد المعونة أكثر مما كنا نعتقد! لا أعرف هل هي بركات المتبرع؟  أم بركات الله علينا وإخلاصنا في العمل!

قمنا أيضاً بتوزيع أدوية للمرضى والحالات المزمنة والتكفل بعمليات بعض من الحالات والتكفل بسفر البعض من حالات السرطان أيضاً. كذلك توزيع الملابس الشتوية واللحافات. كان ذلك كله بفضل ثقة المتبرعين في عملنا. 

ما هي الحالات التي أحزنتك اكثر خلال مدّة عملك؟

اكثر الحالات التي أحزنتني هي تلك الأُسر التي كانت قبل الأزمة بأفضل حال وجار عليها الزمن وأُغلقت الأبواب في وجوهها ولا أحد يعرف ماذا يأكلون أويشربون. هؤلاء الفئة على وجه الخصوص كنت أجد نفسي أغرق خجلا من طرق أبوابهم، بل حتى كيف يمكن لي أن أقوم بتسليم  تلك المعونات لهم و التي تكفيهم ٣ اشهر دون أن اجرح مشاعرهم ولذلك كنت أبحث دائما عن تلك الأُسر بشكل أساسي.

ما اكثر موقف إنساني قام به أحدهم؟

 اكثر موقف إنساني شدني كان من أسرةٍ وفي ذروة اجتياجها للمعونات الغذائية إذ بها تقوم بترشيح أسرة أخرى وتتبرع بمعونتها الغذائية لها على الرغْم  من علمي أن هذه الأسرة لا تملك حتى قوت يومها. 

تعلمت كيف يمكن للإنسان أن يتخلى عن شيء هو بأمس الحاجة له لكونه يعتقد أن الآخرين أشد حاجة منه. 

من كان وراء نجاح عبير ؟

 والدي ووالدتي وأخواني، والغرباء الداعمين والمشجعين لي من المتابعين على الرغْم من عدم معرفتهم بي، الا أن جميعهم بادر على التصويت لي وتأهيلي وهناك من عمل على إخراج لقطات دعائية مجانية وعمل مقالات وفيديوهات داعمة لي. 

وكانوا فخورين بي جدا إلى أن وصلت وأخذت اللقب. بعد ثلاث سنوات جهد من اجل النجاح. 

ما دور الرجل في حياة عبير ؟

لا وجود للرجل أي دور في حياتي  لذلك أبدو شخصية عنيدة قوية ربما لأني اجبرت على أن اكون المرأة واقوم بدور الرجل أيضا. تعودت على الاعتماد على نفسي وربما ذلك خلق عدم إيماني بالرجل في حياتي. لذا كنت أقوم بالأدوار كلها لوحدي.

لكن بالتأكيد هناك والدي العزيز وهناك زملاء المهنة والمتطوعين أكن لهم كل الاحترام والتقدير ولكن أتحدث بشكل يبدو شخصي كما بدا لي السؤال. 

اين وصلت عبير اليوم ؟

لا أرى أني وصلت إلى المكان المناسب بعد، ولكني استمر في تطوير ذاتي. يكلفني الامر الكثير من سهر و عمل وتدريب. كل ذلك لأجل إضافة مهارات جديدة لأصل لذلك المكان الذي لطالما حلمت به، و الذي سيرضيني في النهاية. الإنسان يحتاج للتدريب بشكل شبه يومي لكي يجدد ما تدرب عليه ولكي يجد كل ماهو جديد بالمسيرة التي تنتظره. 

وبإذن الله سأصل بجهدي وإيماني بالله و إيماني بنفسي. مررت بفترات صعبة جداً ولكن الشيء الذي لا يقتلك يجعلك أقوى. وأنا من سيمسك زمام الأمور من جديد لكي أقف واصل لما أريد مادام الله موجود وما زالت الحياة موجودة والروح داخل أجسادنا نقيه لا يتخللها أي لؤم أو حسد أو حقد ففي اعتقادي أن الإنسان بذلك يصل لما يريد. 

كيف تصف عبير المستقبل؟

المستقبل جميل ولابد أن نراه جميل لكي نعيش ولكي نسعد من حولنا ونشد بأيديهم لابد أن نزرع داخلنا فكرة انه سيجني لنا ثمار ما اجتهدنا لأجله.

يمكنك ايضا الاطلاع على ملخص كتاب ما ندين به للمستقبل.

رسالة اخيرة لكل رجل وامرأة؟ 

الرجل يحمل على عاتقه الكثير من الأمور لكن لابد ألّا يستسلم. لابد أن يكون مصدر استقرار نفسي ومعنوي لأسرته ومن حوله لكي ينشئ أجيال متزنة وقوية ومستقرة ولابد أن يضع يده بيد زوجته أو أخته أو امه أو ابنته. الرجل هو عماد وأساس أي بيت إذا اختل توازنه سيختل البيت بأجمعه فحذاري ألّا يكون معطاء ولا يكون قدوة لأبنائه وأهله. 

رسالتي للمرأة اليمنية كان الله بعونك، أجد النساء في هذه الأزمة اكثر من تحملن على عاتقهن مسؤوليات فوق طاقتهن. 

منهن من أوجدن مشاريع من العدم من أجل أسرهن ومنهن من تخلت عن أبسط حقوقها من أجل ألّا تتصدع جدران تلك الأسرة ومنهن من سافرت وتغربت وعاصرت المر من أجل أن تعيش أسرتها في مستوى كريم،  ومنهن من عانت من أجل إنجاح تعليم أبنائها أفضل تعليم وجميعهن يستحق الفخر بهن في حين أنهن بذات الوقت يُحاربن و في خصوصياتهن وفي حريتهن وفي سفرهن وفي مشاريعهن وفي لباسهم أيضاً! وفي كل شيء. لكن كان الله بعون الجميع.