مختصر كتاب “التجارة حرب”
“التجارة حرب” هو كتاب بقلم ياش تاندون، يستكشف العِلاقة بين التجارة الدولية واختلالات القوة العالمية. يجادل تاندون بأن التجارة قد استخدمت كأداة للاستغلال والسيطرة من قبل الدول والشركات القوية، مما أدى إلى تهميش وإفقار العديد من البلدان النامية.
يقدم كتاب التجارة حرب تحليلاً نقديًا للسياسات الاقتصادية النيوليبرالية التي روجت لها المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. يقول تاندون إن هذه السياسات أدت إلى تفكيك الصناعات المحلية في العديد من البلدان النامية ، فضلاً عن خصخصة الخدمات والموارد العامة.
تتحدث مقدمة كتاب “Trade is War” للكاتب ياش تاندون عن العِلاقة بين التجارة الدولية والسلطة العالمية، وتسلط الضوء على كيفي تكون التجارى حرب، كأداة للاستغلال والهيمنة من قبل الدول والشركات الكبرى. كما تناقش المقدمة دور المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في ترويج السياسات الاقتصادية النيوليبرالية التي تؤدي إلى تفكيك الصناعات المحلية في الدول النامية وخصخصة الخدمات والموارد العامة.
وتوضح المقدمة أن كتاب “التجارة حرب” يهدف إلى تقديم تحليل نقدي للتجارة الدولية والسياسات الاقتصادية العالمية والتأكيد على أن التجارة ليست مجرد وسيلة لتبادل البضائع والخدمات بل هي أداة قوية لتوزيع الثروة والسلطة في العالم، وكيف ان التجارة حرب علينا ان نعيها، وتحديد الهوية والثقافة والقيم في المجتمعات. كما تشير المقدمة إلى أن الكتاب سيقدم رؤية نقدية حول التحديات التي تواجه الدول النامية في المنظومة الاقتصادية العالمية الحالية، وكيفية بناء تحالفات اقتصادية وسياسية لمواجهة هذه التحديات.
حروب التجارة والاستعمار
يرى الكاتب إلى أن الدول والشركات الكبرى تستخدم التجارة كأداة للاستغلال والهيمنة على الدول الأخرى. وذلك يتم من خلال استخدام العديد من الأدوات التي تسمح للدول والشركات بالتحكم في سوق العالم وتحقيق مصالحها الاقتصادية، مثل:
التحكم في الأسعار: يتم تحديد الأسعار من قبل الدول والشركات الكبرى لتحقيق أكبر قدر من الأرباح على حساب الدول النامية والفقيرة.
الاستغلال الاقتصادي: يتم استخدام الاستغلال الاقتصادي لتحقيق مصالح الدول الغربية والشركات الكبرى عن طريق السيطرة على الموارد الطبيعية والعمالة وتحقيق أرباح باهظة.
الديون الخارجية: تستخدم الدول الغربية وصناديق النقد الدولية الديون الخارجية كأداة للسيطرة والهيمنة، حيث تتحكم في سياسات الدول المدينة لتحقيق مصالحها الاقتصادية.
التحكم في السوق: يتم التحكم في السوق الدُّوَليّ من خلال تحديد قواعد اللعبة والتفاهمات التجارية الدولية التي تخدم مصالح الدول الغربية والشركات الكبرى.
بشكل عام، يرى الكاتب ياش تاندون أن التجارة الدولية لا تكون نزيهة في كثير من الأحيان، وأنها تستخدم كأداة للسيطرة والهيمنة على الدول الأخرى وتحقيق مصالح الدول الغربية والشركات الكبرى على حساب الدول النامية والفقيرة
الادوات والاسلحة التجارية لمنظمة التجارة العالمية
تستخدم الدول الغربية عدة أدوات للسيطرة على التجارة الدولية وتحقيق مصالحها الاقتصادية على حساب الدول النامية والفقيرة، ومن بين هذه الأدوات:
1- الاتفاقيات التجارية الحرة: تسعى الدول الغربية للتوصل إلى اتفاقيات تجارية حرة مع دول أخرى لفتح أسواقها وتسهيل الوصول إلى مواردها الطبيعية وتحقيق مصالحها الاقتصادية، مع الحفاظ على حماية صناعاتها المحلية من المنافسة الخارجية.
2- الدعم المالي والتمويل: تقدم الدول الغربية الدعم المالي والتمويل للدول النامية والفقيرة بهدف التأثير على سياساتها والتحكم فيها وتحقيق مصالحها الاقتصادية، ويشمل ذلك تقديم الديون الخارجية والمساعدات الإنمائية والاستثمارات الأجنبية المباشرة.
3- المنظمات الدولية: تستخدم الدول الغربية المنظمات الدولية مثل الاتحاد الأوروبي ومنظمة التجارة العالمية لتحقيق مصالحها الاقتصادية والتأثير على قراراتها، وتضع شروطاً للانضمام إليها تحقق مصالحها الاقتصادية.
4- التِقَانَة والملكية الفكرية:يوضح كتاب التجارة حرب كيف تسيطر الدول الغربية على ملكية الأفكار والتقنيات المتطورة وتطبق قوانين واتفاقيات لحماية حقوقها، مما يتيح لها فرصة التحكم في الابتكار والتنمية الاقتصادية وتحقيق مصالحها.
يمكنك ان تقرأ ايضاً كيف يحارب القضاء ايلون ماسك
5- الحظر التجاري والعقوبات الاقتصادية: يستخدم الغرب الحظر التجاري والعقوبات الاقتصادية لتحقيق مصالحها،
استنزاف أوروبا للدول النامية
في كتاب التجارة حرب يبين الكاتب كيف يتم استخدام الاستغلال الاقتصادي كأداة للحرب من خلال تعزيز العقوبات الاقتصادية والحظر التجاري والمنع من الوصول إلى السوق العالمية، وهذا يؤدي إلى تعزيز الاعتماد الاقتصادي للدول على الدول الغربية وتحقيق مصالحها الاقتصادية والسياسية. ومن خلال ذلك، يتم استخدام الديون وصناديق النقد الدولية كأدوات للهيمنة، حيث تعتمد الدول النامية والفقيرة على هذه الديون والصناديق لتمويل مشاريعها الاقتصادية وتطويرها، وتتحول هذه الديون إلى ديون ضخمة وصعبة السداد ويتم تسديدها بفائدة عالية، مما يجعل هذه الدول مهددة بالإفلاس، ويضع الدائنون شروطاً لسداد الديون مثل فرض سياسات اقتصادية ومالية معينة وفتح أسواقها للمنتجات الغربية وإصلاح الاقتصاد، وهذا يؤدي إلى استمرار الهيمنة والاستغلال .
علاوة على ذلك، يتم استخدام صناديق النقد الدولية لفرض سياسات اقتصادية ومالية معينة على الدول المستفيدة من هذه الصناديق، وتضطر الدول المستفيدة لتطبيق هذه السياسات حتى تتمكن من تلقي المساعدات المالية، وهذا يؤثر على حرية الدولة في اتخاذ القرارات الاقتصادية والمالية، ويؤدي إلى تعزيز الهيمنة والسيطرة الغربية على الاقتصاد العالمي.
تعرض الدول النامية لعدد من الأضرار من جرّاءِ الحرب الاقتصادية التي يتعرضون لها من قبل الدول الغربية، وتشمل بعض هذه الأضرار:
تعزيز الاعتمادية الاقتصادية: يبين كتاب التجارة حرب الى كيفية الطرق التي يتم جبر الدول النامية على الاعتماد على الدول الغربية وتصبح عرضة للابتزاز الاقتصادي والسياسي.
تأثير سلبي على النمو الاقتصادي: تؤدي العقوبات والحظر التجاري والمنع من الوصول إلى السوق العالمية إلى تأثير سلبي على النمو الاقتصادي للدول النامية.
تفاقم الفقر والبطالة: يؤدي تراجع النمو الاقتصادي إلى زيادة معدلات الفقر والبطالة في الدول النامية.
تأثير على الصحة العامة: يؤدي ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية ونقص الموارد الصحية إلى تأثير سلبي على الصحة العامة للمجتمعات في الدول النامية.
تدمير البنية التحتية والبيئة: قد تؤدي الحروب الاقتصادية إلى تدمير البنية التحتية والتلوث البيئي في الدول النامية.
الأزمات الاجتماعية والسياسية: تؤدي الضغوط الاقتصادية والاجتماعية إلى زيادة الاحتقان والتوترات الاجتماعية والسياسية في الدول النامية.
يجب العمل على تقليل الاعتمادية الاقتصادية للدول النامية على الدول الغربية، وتشجيع التعاون الدولي المنصف والمتكافئ وتوفير الدعم والمساعدة اللازمة للدول النامية لتنمية اقتصاداتها وتحسين أوضاع
التكنولوجيا وحرب الملكية الفكرية
لا يمكن السيطرة على الدول من خلال التكنولوجيا وحرب الملكية الفكرية بشكل مباشر. فالتكنولوجيا هي أداة يمكن استخدامها لتحقيق الأهداف المختلفة، سواء كانت هذه الأهداف إيجابية أو سلبية، ويعتمد ذلك على الأغراض التي تستخدم من أجلها. وكذلك، حرب الملكية الفكرية هي قضية تتعلق بالحماية القانونية للأفكار والابتكارات، ولا يمكن استخدامها للسيطرة على الدول بشكل مباشر.
ومع ذلك،يرى الكاتب في كتاب التجارة حرب انه يمكن استخدامها كجزء من استراتيجية أو أداة لتحقيق أهداف سياسية أو اقتصادية. وبالتالي، قد يحاول بعض الأفراد أو الجماعات أو الشركات أو الدول استخدام التكنولوجيا وحرب الملكية الفكرية بطريقة معينة لتحقيق مصالحهم وزيادة نفوذهم. ومن هذا المنطلق، يمكن استخدام هذه الأدوات لتحقيق الهدف السياسي أو الاقتصادي للفرد أو الجماعة أو الدولة.
ومع ذلك، يتم التعامل مع هذه المسائل بشكل رسمي من خلال القوانين والمعاهدات الدولية التي تحدد الحدود والضوابط التي يجب اتباعها في استخدام التكنولوجيا وحرب الملكية الفكرية. ويتم تنظيم العلاقات بين الدول من خلال الاتفاقيات والمعاهدات والمنظمات الدولية، والتي تحدد الأطر والضوابط الدولية للاستخدام الآمن والفعال للتكنولوجيا وحماية حقوق الملكية الفكرية.
وفقًا لرؤية الكاتب ياش تاندون، يمكن للدول النامية تحرير نفسها من الاستعباد والاستغلال الاقتصادي عن طريق اتخاذ عدة إجراءات. على سبيل المثال، يتضمن ذلك التركيز على تنمية الاقتصاد الداخلي للدولة، وتعزيز الصناعات المحلية وتحسين البنية التحتية وتوفير فرص عمل للسكان المحليين.
ويشدد تاندون على ضرورة تحويل الاهتمام من الاعتماد على الصادرات والتجارة الخارجية إلى تعزيز السوق المحلية والتجارة الداخلية. كما يدعو إلى التخلي عن الديون الخارجية والتفكير في تأسيس أنظمة مالية مستقلة وتعزيز التعاون بين الدول النامية في سبيل تطوير مصادر الطاقة المتجددة والاعتماد عليها.
يوضح “التجارة حرب” أهمية بناء تحالفات وشراكات جديدة بين الدول النامية لتعزيز قوتها وتحسين موقعها في الاقتصاد العالمي. وفي النهاية، يشدد كتاب التجارة حرب على أهمية تحقيق العدالة الاقتصادية الدولية وتعزيز الحوار والتفاهم بين الدول الغربية والدول النامية في سبيل إنهاء الاستعباد الاقتصادي والاجتماعي للدول النامية.