ما ندين به للمستقبل – ويليام ماكاسكيل
أحد أكثر الكتب تأثيراً هو كتاب “ما ندين به للمستقبل / “What We Owe the Future للفيلسوف الأخلاقي ويليام ماكاسكيل William MacAskill. وهو أستاذ مشارك في الفلسفة في جامعة أكسفورد والذي ساعد في إنشاء حركة الإيثار “altruism movement”، التي تدور حول استخدام كلاً من العقل والأدلة لإيجاد أفضل الطرق التي يمكننا من خلالها مساعدة الآخرين.

غيّر كتاب “ما ندين به للمستقبل” الطريقة التي يتعامل بها الكثيرون مع معنى العيش في حياة كريمة. وحجة أو مرتكز الكتاب الأساسية هي: أننا يجب أن نشعر بالقلق إزاء الأشخاص الذين يعيشون في المستقبل وأن علينا أن نأخذ مصلحتهم على محمل الجد.
النقاط الرئيسية الثلاث في الكتاب
- أن المستقبل كبير جداً وأن الأشخاص الذين سيعيشون فيه لهم من الأهمية ما يكفي ليعيشوا حياة سعيدة وكريمة.
- أننا نعيش الآن في واحدة من أهم الأوقات في كل تاريخ البشرية.
- كيف يمكننا كأفراد – أنا وأنت – فعل شيء ما بشكل عملي وجاد، بحيث يساعد ذلك على ضمان أن المستقبل سيكون على ما يرام.

أولاً: المستقبل كبير ومهم جدا
كما هو معلوم فإن بداية تطور الإنسان المعاصر كانت منذ حوالي 300000 عام، لكن الإنسان بدأ بالزراعة منذ حوالي 10000 عام فقط. فلدى الانسان القدرة على التّعقل والتّفكر والبصيرة الكافية لبناء الأشياء الرائعة. لذا – إذا سار المستقبل على ما يرام – فقد تكون البشرية موجودةً لعدة ملايين من السنين القادمة، إن لم يكن مليارات من السنين. هذا يعني أنه، وبصورة عامة، ربما نكون ضمن أول 1% من الناس في خط الجنس البشري وأن النسبة المتبقية (99%) لم يولدوا بعد! لذا، يستوجب هذا أن نهتم بصورة جادة بحياة الأشخاص الذين سيأتون في المستقبل، لأنهم يمثلون النسبة الأكبر من خط الجنس البشري، حيث أن الأعمال والإجراءات التي نتخذها الآن ستؤثر بكل تأكيد على حياتهم، سواءً للأفضل أو للأسوأ.
بكل بساطة فإننا عندما ننظر إلى المستقبل نرى أن النطاق المحتمل للحضارة هائل جداً.
ثانيًا: ربما نحن نعيش في واحدة من أهم الأوقات في كل تاريخ البشرية
كانت الثورة الصناعية هي النقطة الثورية التي حققت فيها الإنسانية في آخر 250 سنة قفزات نوعية وتطورات غير مسبوقة في كل النواحي. لكن في نفس الوقت فإنه في الخمسين إلى الستين سنة الماضية، قمنا أيضًا بزيادة قدرتنا الذاتية لتدمير أنفسنا. لنا أن نتخيل بأن للقنبلة الذرية قوة تدميرية تُقّدر بنحو ألف مرة من الأسلحة التقليدية، وللقنبلة الهيدروجينية قوة تدميرية أكبر بنحو ألف مرة من الأسلحة الذرية. هذا يعنى أن هذه مجرد بداية لعصر جديد من القوة التدميرية.
فعلى سبيل المثال، الجائحات أو الأوبئة المصّنعة أو مسببات الأمراض المهندّسة يمكن أن تزداد سوءًا أكثر وأكثر مستقبلاً. فيمكن مثلاً للفيروسات التي يتم تصميمها عمدًا، أن تجمع بين معدل الوفيات للايبولا فايروس ومعدل الانتشار للحصبة، لتكون أكثر فتكاً وأشد وأسرع انتشاراً.
نحن نتقدم بشكل سريع يوماً تلو الآخر، خاصة في صنع تقنيات جديدة مثل التقنيات الحيوية والأسلحة البيولوجية والذكاء الاصطناعي وغيرها. فنحن في مرحلة تتطور فيها الأشياء بسرعة كبيرة لدرجة أنه إذا أُسيء استخدام هذه الأشياء أو يتم تطويرها بشكل غير صحيح، فإنها في الواقع يمكن أن تسبب مشاكل كارثية للمجتمعات والبلدان والقارات وربما حتى الجنس البشري.
فمنذ الحرب العالمية الثانية، أصبحت لدينا قدرات هائلة على تدمير أنفسنا، وهو ما لم نفعله في الماضي. لكن الحقيقة إن كل ما يتطلبه الأمر هو شخص غير سوي وغريب بعض الشيء. تخيل ماذا سيحدث للعالم لو كان لدى هذا الشخص القدرة على الوصول إلى أسلحة بيولوجية معدلة وراثيًا!
مع كل هذا، فان الكتاب ليس سوداوياً او كئيباً! عوضاً عن ذلك، فهو كتاب مبهج ومتفائل نوعاً ما، حيث يتحدث عن الحلول العملية والمنطقية التي يمكننا القيام بها أمام كل تلك المشاكل.
ثالثًا: يمكن لكل فرد المساعدة في ضمان أن المستقبل يسير على ما يرام.
يمكن القيام بأشياء للتأكد من أنه على الرغم من أن المستقبل غير مؤكد، فمن الممكن أن نكون مستعدين له بشكل أفضل. لكن ما هي الأشياء التي يمكننا القيام بها عمليًا لإحداث فرق؟
أهم شيء هو معرفة ما يجب القيام به في حياتك المهنية بطريقة يمكن أن يكون لها تأثير ملموس.
- على سبيل المثال، أحد أكبر المخاطر التي تهدد البشرية هو أن الذكاء الاصطناعي والذي يتطور بسرعة كبيرة لدرجة أنه في مرحلة ما، خلال الخمسين إلى المائة عام القادمة، هناك خطر من أن يتفوق الذكاء الاصطناعي على الذكاء البشري. ولا نعلم ما الذي سيحدث حينها! إذن، هناك سيناريو “يوم القيامة” او اليوم المشؤوم والذي تسيطر فيه الآلات على العالم، ولكن هناك أيضًا الكثير من الأشياء السيئة الأخرى التي يمكن أن يسببها الذكاء الاصطناعي.
- في عام 2020، كان هناك حوالي 40000 شخص في العالم يعملون على جعل الذكاء الاصطناعي أكثر قوة، وهناك دول مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين تشارك جميعها في سباق تسلح الذكاء الاصطناعي لمحاولة جعله أكثر قوة. وفي نفس العام، كان هناك حوالي 300 شخص فقط في العالم يبحثون فعليًا عن “كيفية جعل الذكاء الاصطناعي أكثر أمانًا؟”.
- لذلك، على سبيل المثال، إذا كنت عالم كمبيوتر أو مهندسًا أو مطور برامج أو عالم رياضيات وتبحث عن شيء مؤثر لتقوم به في حياتك المهنية، فإن تغيير حياتك المهنية في اتجاه المساعدة من تقليل احتمالية تدميرنا من قِبل الذكاء الاصطناعي، سيكون له تأثير كبير. حيث يمكن لهذه الأنواع من التغييرات المهنية أن تُحدث فرقًا هائلاً في المستقبل.
- وبالمثل، النظر في الوقاية من الجائحات البيولوجية… فإذا كنت على سبيل المثال طبيباً، يمكن أن يكون لديك دوراً كبيراً في إنقاذ حياة بعض الاشخاص وهذا شيء جيد، ولكن يمكن أن يكون لديك تأثير أكبر من خلال الانخراط في مجال الوقاية من الأوبئة وإجراء بحوث مختلفة عن الجائحات البيولوجية.