مقتطفات اجتماعية

هل الجنس أصل الشرور؟ فلسفة الجنس بين الماضي والحاضر

الجنس عند الاغريق:

كانت تتميز الإله عند الاغريق كزيوس، واليس، ابولو، وديونيس وغيرهم، بأعضائهم التناسلية الصغيرة والمتناقضة مع بقية أجزاء الجسم الضخم كذلك الحال ايضا مع الشخصيات الأسطورية للاساطير اليونانية والتي تعبر عن نظرتهم حول ” الجنس”.

 بينما عند تصويرهم لآلهة الغابة، تلك الكائنات الأسطورية التي هي عبارة عن نصف بشر ونصف حيوان، أعطوها قضيبًا كبيرًا منتصبًا كدليل على الشهوانية والانحراف وعدم قدرتهم على ضبط النفس.

 تلك الصفات التي كانت منبوذة بالنسبة للمجتمع الإغريقي في حينها.

 فسنجد أن الأعضاء الذكرية المنتصبة الكبيرة لم تكن مرغوبة في المجتمع الاغريقي كما لم تكن علامةً على القوة أو القدرة. قام الكاتب المسرحي الإغريقي القديم ارستوفان في مسرحيته «السحاب» بتخليص الصفات المثالية في رجل ذو صدر لامع وبشرة ناعمة وكتفين عريضين ولسان صغير وأرداف قوية وقضيب صغير. وعندما ننظر إلى هذا المثال القديم، نجد أن العضو الذكري الصغير يتناسب تمامًا مع النموذج اليوناني للجمال الذكوري. وحين النظر في هذه المثالية القديمة، نجد إن الأعضاء الذكرية الصغيرة تطابق التخيل المثالي للجمال الذكري عند الإغريق، حيث كان ذلك علامةً للثقافة العالية والمثال الأعلى للحضارة.

ومن هنا نجد ان الاغريق كان لهم تصور وضعوها في رمزية الأعضاء التي ترمز الى الجنس والشهوة بحيث تم ربط احجامها التي ترمز لقوة سطوتها من عدمه، بالحكمة والعدوانية.

هرمون الجنس والغش:

في دراسة حول تأثير الهرمون على قرارات الشخص، تم اجراء اختبار على حوالي 117 شخصا حيث طلب منهم إيجاد الإجابات الصائبة لتمارين في مادة الرياضيات شريطة أن يضعوا الدرجات لأنفسهم والتبليغ عن أعداد المسائل التي تمّ حلّها بغية الحصول على مكافأة ماليّة تزداد قيمتها تبعا لنسبة المسائل المحلولة بشكل صحيح. 

تم فحص الهرمونات ما قبل وما بعد الامتحان، جمع الباحثون عيّنات من لعاب المشاركين في الاختبار.

وبعد دراسة العيّنات اللعابية بإمعان، وجد الباحثون أن الأفراد الذين يعانون من مستويات مرتفعة من التستوستيرون والكورتيزول كانوا أكثر ميلاً للمبالغة والكذب والخداع حول عدد المسائل الحسابية التي نجحوا في حلّها لاكتساب مالا إضافيا. 

هرمون التستوستيرون هو الهرمون المسؤول عن الدافع الجنسي لدى الرجل.

علّل الباحثون الأميركيون السبب في اندفاع الغشّاشين إلى ارتفاع هورمون التستوستيرون حيث ان هذا الهرمون يقوم بتقليص الخوف من العقاب وينمّي الحساسية المتعطّشة للمكافأة السريعة.

 أمّا هرمون الكورتيزون الذي تعلو نسبته في الجسم تحت ثقل الضغوط والمواقف غير المريحة من الإجهاد يشجع بدوره على الغش، لأنّ الاحتيال يكون متنفسا سريعا للتخفيف من حالة التوتّر ولتقصير مداها الزمني.

فقلة النزاهة التي تدفع إلى الغش في الامتحانات وفي إدارة الأعمال والمال وفي الرياضة تستفحل عندما تكون مستويات هرموني التستوستيرون والكورتيزول معا مرتفعة في الجسم حسبما ورد عن باحثين تابعين لجامعتي هارفرد وأوستن في ولاية تكساس الأميركية.

هنا نجد ان العلم قد وجد رابط بين الفعل الشرير وهرمون التستوستيرون، غير انه عامل مساعد وليس مباشر في اتخاذ الأفعال الشريرة كالغش.

الهة الاغريق
الهة الاغريق

راي فرويد حول الجنس:

لعالم النفس سيغموند فرويْد راي حول ارتباط الجنس بالشر، وهو مؤسّس التحليل النفسي المعاصر، حيث يبدا من بدايات التكوين الإنساني ويقول: “إنّ الكائن البشري الصغير ينتهي تكوينه غالبًا في السنة الرابعة، أو الخامسة من عمره ثم يُفصح تدريجيًّا عن الكائن الخبيء في نفسه خلال السنوات التالية من حياته”.

حيث يرى فرويد ان الرغبة في الإشباع لدى البشر تنقسم إلى عدّة أنواع من النزعات نذكر منها إشباع الحاجة إلى الجنس وإشباع الحاجة إلى العدوان، ويفسرها كالتالي:

“فإنّ حتى الحبيب  او الزوج او القرين  بالنسبة الى الانسان  ليس فقط موضوعٌ للحب وللعاطفة أو للجنس، بل هو أيضًا موضوع تعويض واعتداء، فالإنسان مدفوع إلى إشباع حاجته من العدوان كما هو مدفوع إلى إشباع حاجته من الجنس، مدفوع إلى استعمال الآخر وإلحاق الأذى والآلام به وقهره إن لزم الأمر، وبدون إشباع تلك النزعة رُبما يشعر بنقص في إحساسه بذاته، فالإنسان ذئب أخيه الإنسان”.

ويبدأ فرويد من بدايات الانسان ليفسر كل ذلك من خلال (عقده اوديب) فيرى ان الطفل كائن يولد وبداخله غريزة التملك، فيبدأ باعتقاده ان امه ملك له، وتنمو بداخله بشكل خفي مشاعر الغيرة وما تسمى بعقده اوديب، حيث تبدأ الصدمة في السنوات اللاحقة بين الثالث والخامسة حينما يشعر بان والده يشاركه امه، ثم مع الوقت ينصدم اكثر بتلك القيود الاجتماعية التي ستحرمه ذلك الشعور بتملك الاخر وحريه العبث بجسده الذاتي

ومن هنا تبدأ رحلته في محاوله الوصول الى تلك اللذة الطفولية الأولى، فالجنس بمفهوم فرويد لا يقتصر على مفهوم التواصل عبر الأعضاء التناسلية فقط واللذة المصاحبة له، فعند فرويد الجنس هو ترجمه لجميع مظاهر التلامس والتواصل الجسدي بين البشر منذ بداياته المرتبطة بثدي الام الى ارتباطه بالأعضاء التناسلية لاحقا.

لا يعتبر فرويد الجنس فقط تعبير عن الشهوة المرتبطة بالأعضاء التناسلية، انما أيضا الشهوة المصاحبة لبقيه مظاهر البقاء والغريزة التي تدفع اليه، فحتى الأمعاء في فتره طفوليه معينه عند الطفل هي مصدر اللذة لديه كما انه مصدر بقائه الأول وهي بذلك تعتبر عضو جنسي وغريزي لديه في تحقيق شهوة الطعام بالتالي المحافظة على البقاء.

كما يمكنكم قراءة القدم بين الاغراء والهوس.

الجنس أصل الخير وأصل الشر

الجنس هو لغة الجسد التي يعبر فيها عن رغبته بالارتباط بهذه الحياة واستمراره، سواء كما وصفه فرويد انه تعبير عن التواصل الجسدي لإشباع شهوة البقاء سواء عبر الفم الأمعاء او توجه الجنس نحو الأعضاء التناسلية في البلوغ.

 ورغبتنا فيه ما هو الا ترجمه لرغبتنا في التواصل مع كل مكونات الكون خارج كوننا المسمى جسد، والبداية الأولى للطفل هي ما ستحدد الغريزة التي سيناضل الانسان بعدها في وقت لاحق في تحقيقها.

تصالحنا معه يخفف من الاندفاع اللاواعي نحو تحقيقه، التصالح معه بمعنى إدراك انه جزء من تكوين الانسان واحترامه، واحترام كل ما يرتبط به، لا استحقاره ونبذه، كما ان عدم الاستقرار النفسي والقلق والخوف الذي يدفعه غريزة البقاء أيضا سيجعله بشكل او باخر هو أحد الأسباب التي تؤدي الى الأفعال الشريرة  كما حدث مع المجموعة التي تم دراستها سابقا، فعلى الرغم من بشاعة عدم الإحساس بالذنب، فان الجميل بان الجسد يستعين بالهرمونات المرتبطة به في تخفيف القلق والخوف.

الحكمة والرضى تجعل من الجنس أصل الخير، وتعمل على تقييده بالقيم العليا، بينما الجهل والكبت يجعله بكل تأكيد أصل كل الشرور، دون القدرة على كبح قوته وسيطرته.

مقالات ذات صلة